اســـــــتـــــــــرخـــــــــــــوا
استرخوا
من منا لم يحلم بالطيران والانطلاق بحرية في الفضاء الواسع بخفة وراحة كما لو كان عصفورا يعيش لحظاته, من منا لا يرغب في التخلص من عبئ الضغوط المختلفة التي يعانيها خلال دقائق معدودة ليعود اليها بعد ذلك وهو أكثر قدرة على التعامل معها.
ومن هو الذي يتمنى أن يطرد كل مخاوفه و همومه مع كل زفير ويجدد الأمل ويستجمع القوى مع كل شهيق.
كانت لي قبل بضعة ايام تجربة مميزة تأبى علي نفسي ألا أن أخبركم بها لعلكم تجدون ما وجدت بعد أن تجربوها لقد حضرت احدى جلسات الاسترخاء العلاجي لازالة التوتر ودفع آثار الضغوط المختلفة التي تحاصرنا وكم كانت دهشتي شديدة عندما شعرت و أنا على الأرض وعلى المقعد المريح وألتقط كل الأصوات القريبة والبعيدة وبكامل وعيي يرفعني شعور جميل الى الأعلى حتى أكاد أرى نفسي معلقة بين السماء و الأرض على الرغم من ثقل الجسد الذي يكون في حالة استرخاء تامة لدرجة انك لو حاولت تحريك كفك لما استطعت ولكنك في الوقت ذاته لا تشعر به من فرط خفة الشعور الذي يطوقك ويحملك على أجنحة شفافة نحو الراحة ان هذه اللحظات البيضاء تشبه عملية الغسيل التي نعامل بها الأواني والسيارة والملابس أو الجسد عندما يتسخ بالوحل أو بقايا الأكل أو المعدة تصاب بالتسمم ولكن جلسات الاسترخاء تغسل الجسد والروح والعقل من كل ما يثقلهم ومن كل ما نحمله نحن بجهل منا في التعامل مع ما يسرنا في الحياة .
ان هذه الجلسات هي رعاية لنعمة الله علينا وهي نعمة لا تقدر بثمن فهي تمكننا من المتابعة والاستمرارية لأداء الرسالة والأمانة التي حملناها على هذه الأرض.
وهي التي أصبحت اليوم أكثر انتشارا وأجدى أثرا في التعامل مع كل الحالات التي يعاني فيها المرأ من الضغوط التي قد تكون نفسية فقط وقد تتحول الي جسدية يحار فيها الأطباء ثم يكتشف آخرون انها نتيجة سوء التعامل مع الجسد والروح والعقل ولكننا نحتاج لهذه الدروس التي تعلمنا بجدية حقوق أجسادنا وعقولنا علينا نحتاجها لأنها علاج الزمن القادم الذي يبعد عنا شبح الأقراص المرة والحقن المؤلمة .
هذا المقال كتب في جريدة اليوم بتاريخ الأربعاء 24 ربيع الأول 1423 هـ