حروف الابجد و أقسامها وأسرارها
الظاهر انّ الابجد الكبير من المسلّمات، و هو من عدد واحد الی ألف مقسّمة علی ثمانٍ و عشرين حرفاً من حروف اللغة العربيّة، و هو أمر لا يطرأ عليه الشكّ لدي المسلمين من الشيعة و السنّة، و قد بسط علماء الفريقين مثل الشيخ بهاء الدين العاملي و الشيخ محيي الدين بن عربي القول في هذا الموضوع.
كما انّ الابجد الكبير معروف لدي غير المسلمين أيضاً، و كان رائجاً لدي طائفة اليهود قبل الإسلام، ثمّ وردت الی المسلمين من اللغة العبريّة اليهوديّة؛ و مع انّ العبريّة لا تمتلك أكثر من اثنين و عشرين حرفاً، إذ ليس فيها حروف (ت خ ذ ض ظ غ)؛ و حروف التهجي لديهم تنتهي الی قَرِشَتْ، الاّ انّهم مع ذلك لا يعتقدون بالابجد الكبير، و يقسمون عدد الالف علی حروفهم. كنّا يوماً في مجلسٍ ما، فدار الحديث عن وضع الاعداد من الواحد الی الالف في الحروف الابجديّة العبريّة (و هي 22 حرفاً)، و كان بعض المطّلعين و أهل الفنّ حاضراً، فاعترضتُ بأنّ حروف العبريّة تنتهي الی قَرِشَتْ فقط، و انّ عدد التاء أربعمائة، فكيف يمكنهم الإعتراف بالابجد؟
قالوا: بطريقةٍ خاصّة، حيث يوردون عند الحساب تلك الاعداد الستّة في حروفهم الابجديّة، لتبدأ حساباتهم من الواحد و تنتهي بالالف.
و كان في ذلك المجلس أحد الفلاسفة اليابانيّين؛ و مع انّ العقائد اليابانيّة تعود في أساسها الی الصينيّن و الوثنيّين، الاّ انّي سألته؛ هل تعتقدون بالحروف و تأثيراته؟ أجاب: بلي، نحن نعتقد بحروف الابجد الكبير؛ و لدينا في هذا المجال كتب من العصور القديمة جديرة بالتأمّل و الملاحظة.
و العجيب انّهم يقولون باأنّ الحروف الابجديّة لليابانيّين و الصينيّين ثلاثمائة حرف، فهم يقسمون الاعداد «1» الی «1000» (و هي ثمانية و عشرون عدداً) علی جميع حروفهم الابجديّة.
و لابدّ انّهم يعمدون عند الحساب ـ كما في الفارسيّة التي يحتسب فيها الحرف «ج» معادلاً للحرف «ج» و الحرف «ژ» معادلاً للحرف «ز»، و الحرف «گ» معادلاً للحرف «ك» ـ الی احتساب كثير من حروفهم التربية المخرج حرفاً واحداً. و علی هذا، و كما نُقل، فإنّ حساب الابجد عسير جداً في اللغة الصينيّة، و يحتاج الی تخصّص و فنّ لتشخيص أعداد الحروف و تعيينها، حيث انّ بعض علمائهم المتبحرّين فقط يمكنهم القصدّي لامر الحساب بجدارة.
انّ تقسيم الآية المباركة بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَـ'نِ الرَّحِيمِ في مربّع الی حروف الابجد مفيد لدفع الجنّ، و للافراد المتبلين بالجنّ و تسخير الجانّ.
و كيفيّة الابجد الكبير هو انّ كلّ حرف من الحروف العربيّة الثمانية و العشرين له عدد خاصّ من الواحد الی الالف، بهذا الترتيب:
أَبْجَدْ، هَوَّزْ، حُطِّي، كَلِمَن، سَعْفَص، قَرِشَتْ، ثَخِّذ، ضظِغْ؛ لاَ
1 ـ 2 ـ 3 ـ 4 ـ 5 ـ 6 ـ 7 ـ 8 ـ 9 ـ 10 ـ 20 ـ 30 ـ 40 ـ 50 ـ 60 ـ 70
أ ـ ب ـ ج ـ د ـ ه ـ و ـ ز ـ ح ـ ط ـ ي ـ ك ـ ل ـ م ـ ن ـ س ـ ع ـ
80 ـ 90 ـ 100 ـ 200 ـ 300 ـ 400 ـ 500 ـ 600 ـ 700 ـ 800 ـ
ف ـ ص ـ ق ـ ر ـ ش ـ ت ـ ث ـ خ ـ ذ ـ ض
900 ـ 1000 ـ 1
ظ ـ غ ـ ا
و بالطبع فانّ الهمزة (أ) و الالف (ا) يُحتسبان كلاهما بعدد واحد «ا»، كما تحتسب الحروف المكرّرة بالتشديد حرفاً واحداً. فلفظ «عليّ» مثلاً يُحتسب 110؛ لانّ العين 70، و اللام 30، و الياء 60، و مجموعها 110.
و كلمة «قدّوس» تحتسب 170؛ لان القاف 100، و الدال 4، و الواو 6، و السين 60، و الدال المكرّرة في التلفّظ لا تُحتسب.
أمّا كلمة الجلالة «الله»، فمع انّ اللام مشدّدة فيها، الاّ انّها تُحتسب حرفان استثناءً، و ألف الله لا تُحتسب.
لذا فانّ كلمة «الله» تصبح 66؛ لان الالف 1، و اللام 30، و اللام 30، و الهاء 5. و لهذا السبب فهم يكتبون كلمة «الله» بدون تشديد، اذ يكرّرون لفظ اللام، فليس فيها تشديد من ثَمّ. كما لا تكتب الالف أيضاً، فهم يكتبون لامين مكرّين دونما ألف بهذه الصورة «الله»، بينما كان ينبغي كتابتها وفق قواعد رسم الخطّ العادية بهذه الهيئة «ألاّه».
و لكن باعتبار انّ الخطّ العربي طبق حساب الابجد، لذا يجب كتابة «ألاّه» في هيئة «الله».
و علی هذا الاساس، فلان الحروف المشدّدة تكتب حرفاً واحداً، فانّها تحتسب حرفاً واحداً كذلك. و بنفس القاعدة فباعتبار أنّ ألف «إلاه» لا تُحتسب، فانّها في الكتابة تكتب إله (بدون ألف)، و هي لذلك تعادل 36.
كما انّهم لا يحتسبون ألف رحمان، لانّها تكتب رحمن دونما ألف، و ستكون لذلك 298. هذا في شأن الابجد الكبير.
أمّا الابجد الصغير فيُطلق علی عدد الحروف الابجديّة عند طرح 9، 9 منها؛ فحرف ي مثلاً عدده واحد، لانّه في الابجد الكبير يعادل 10 4 فعند طرح 9 منها سيبقي واحد.
و حرف ن عدده خمسة، لانه عند طرح خمس تسعات من الخمسين يتبقّي خمسة؛ و لذا فانّ حرف ط و حرف ص و حرف ظ لاتمتلك عدداً أصلاً، إذ حينما يطرح منها تسعة تسعة فانّه لا يبقي منها شيء.
أمّا الابجد الوسيط فيُطلق علی حروف الابجد الكبير بعد طرح 12، 12 منها بنفس الطريق التي ذُكرت فيا لابجد الصغير.
و أمّا الابجد الكبير فيطلق علی الحروف الابجديّة بمضاعفتها عشرة أضعاف؛ فحرف الياء ـ مثلاً ـ سيكون عدده في الابجد الكبير مائة؛ و حرف الغين سيكون عدده 10000 (عشرة آلاف)، و علی هذا المنوال في سائر الحروف.
و ينبغي العلم بعد بيان هذه المطالب انّ كلّ كلمة تُحتسب بحساب الابجد، فانّها تحتسب امّا بالحساب المجمل أو بالحساب المفصّل.
فالمجمل هو أن عدد حروف الكلمة يجب احتسابها كما تكبت؛؛
فكلمة «قدّوس» مثلاً لها أربعة حروف؛ القاف ق 100، الدال د 4، الواو و 6، و السين س 60؛
و كلمة «فعّال» لها أربعة حروف: ف، 80، ع 70، ا 1، ل 30.
و يا أحد يا صمد لها عشرة حرف: ي 10، أ 1، أ 1، ح 8، د 4، ي 10، ا 1، ص 90، م 40، د 4،
و تبعاً لذلك فستكون كلمة «قدّوس» 170؛ و كلمة «فعّال» 181؛ و يا أحد و يا صمد 169.
امّا المفصّل فهو انّ تعداد حروف الكمة يجب احتسابها كما نُلفظ. و باعتبار انّ كلّ حرف يُلفظ بعدّة حروف، فانّه يجب احتساب جميع الحروف.
فكلمة قدّوس مثلاً لها أربعة حروف: ق د و س؛ فخرق ق يلفظ قاف، لذا يجب احتسابه ثلاثة حروف ق 100، ا 1، ف 80، و سيكون عدد قاف تبعاً لذلك 181.
و حرف د يلفظ دال؛ لذا يجب احتسابه ثلاثة حروف د 400، ا 1، ل 30؛ فيكون عدد دال تبعاً لذلك 35.
و حرف و يلفظ واو؛ لذا يجب احتسابه ثلاثة حروف و 6، ا 1، و 6.
و حرف س بلفظ سين؛ و يجب احتسابه ثلاثة حروف كذلك س 60، ي 10، ن 50؛ و هكذا ستكون كلمة قدوّس بالحساب المفصّل 349، بينما احتُسبت في الحساب المجمل 170.
مثال آخر: يا أحد يا صمد تلفظ هكذا: ي 10، ا 1، أ 1، ح 8، د 4، ي 10، ا 1، ص 90، م 40، د ع 4؛ و حين نبسطه فانه يلفظ هكذا: يا، ألف، ألف، حا، دال، يا، ألف، صاد، ميم، دال.
لذا يجب احتساب كلّ واحد من هذه الحروف مفصّلاً، بهذه الكيفيّة:
ي 10، ا 1، أ 1، ل 30، ف 80، أ 1، ل 30، ف 80، ح 8، ا 1، د 4، ا 1، ل 30، ي 10، ا 1، أ 1، ل 30، ف 80، ص 90، ا 1، د 4، م 40، ي 10، م 40، د 4، ا 1، ل 30؛
و سيكون مجموعاً 619؛ بينما كانت نفس هذه الكلمة المباركة بالحساب المجمل 169.
ملاحظة:
( ـالهمزة و الواو التي فوقها همزة ساقطتان في الابجد و لا تُحتسبان )
م/ن