الوصول إلى الحقيقة الباحث موفق أراكيلي جـ 2 الــتـصـوف

الوصول إلى الحقيقة الباحث موفق أراكيلي جـ 2 الــتـصـوف
الــتـصـوف قـبـل الإسـلام
لقد وجد التصوف عند العرب قبل الإسلام تحت أسم ( الحنفية ) وهي مجموعة من التجارب الشخصية التي أذكتها العقول الممارسة والبيئات والقيم السائدة فتغيرت من حاله إلى أخره وقد لعبت الظروف والبيئة دورها في سلوك الدين ولكن كان الأيمان بالله وحده والأخلاق الحسنة هو الذي يجمع بين الصوفية قبل الإسلام وصوفية الإسلام وقد كانت الرياضات الروحية التي تعتمد على الجوع والعطش وغلب النفس وعزوف عن الحياة الفانية وقد ذكر أبن هشام أن النبي (ص) كان يجاور في حراء من كل سنة شهراً وكان ( ذلك مما تحنثت به قريش في الجاهلية ) والتحنث : التبرر .وقال صاحب السيرة ( تقول العرب التحنث والتحنف يريدون الحنفية ) ولقد قال القشيري : ويبدو أن كثير من النتاج الصوفي الذي نقله التاريخ إلينا كانت بذوره الأولى قد انتشت وربت في تربة المجتمع العربي قبل الإسلام بزمن غير قصير وقد كان الصوفية العرب قبل الإسلام يلقبون بل( الحنفاء ) وقد رأوا أن تمام الراحة والاطمئنان في الأعراض عن الأوثان والتوجه إلى إله واحد وقد كان ( ورقة بن نوفل ) أحد الحنفاء وكان يقول :
لقد نصحت لأقوامٍ وقلت لهم أنا النذير فلا يغركم أحد
لا تعبدون إلهاً غير خالقكم فإن دعوكم فقولوا بيننا جدد
وقد عاش ورقة فأدرك بعثة سيدنا محمد (ص) ولكنه لم يدخل الإسلام ويروى أن النبي قال: ( لا تسبوا ورقة بن نوفل فإني رأيته في ثياب بيض ) وقال النبي : ( لقد رأيت القس في الجنة وعليه ثياب الحرير لأنه أمن بي وصدقني )
ومن الحنفاء أبو قيس صرمة بن أنس من بني النجار ترهب ولبس المسوح وهجر الأوثان ودخل بيتاً أتخذه مسجداً لا تدخله طامس ولا جنب وقال أعبد رب إبراهيم يقول في القصيدة :
سبحوا الله شرق كل صباح طلعت شمسه وكل هلال
عالم السر والبيان لدينا ليس ما قال ربنا بضلال
من هم الصوفية
ا لصوفية أناس يعبدون الله ولا يريدون شئ في هذه الدنيا إلا الوصول إلى رضى الله سبحانه وتعالى ولا يتدخلون في أمور لا تعنيهم من أمور اختلاف الطوائف والمذاهب وأمور السياسة كل هذا لا يعنيهم بشيء لأن الصوفي الصادق هدفه الله وحده فقط وكل شئ غير ذلك لا يتدخل به لا في الظاهر ولا في الباطن وهذه ا قوال بعض السادة الصوفية في التصوف .
قال أبو محمد الجريري عن التصوف
الدخول في خلق سني والخروج من كل خلق دني .
قال أبا حمزة البغدادي .
علامة الصوفي الصادق أن يفتقر بعد الغنى ويذل بعد العز ويخفى بعد الشهرة وعلامة الصوفي الكاذب أن يستغني بعد الفقر ويعز بعد الذل ويشتهر بعد الخفاء .
قال عمرو بن عثمان المكي .
أن يكون العبد في كل وقت بما هو أولى به في الوقت .
قال الجنيد البغدادي الصوفي الشهير :
التصوف كالأرض يطرح عليها كل قبيح ولا يخرج منها إلا كل مليح .
قال الشبلي :
الصوفي منقطع عن الخلق متصل بالحق .
قال الجنيد البغدادي رضي الله عنه :
التصوف هو أن يميتك الحق عنك ويحييك به .
وقال الجنيد :
التصوف ذكر مع اجتماع ووجد مع استماع وعمل مع أتباع .
وقال الجنيد :
الصوفي من يرى دمه هدراً وملكه مباحاً .
وقال النوري :
نعت الصوفي السكون عند العدم والإيثار عند الوجود .
وقال الشبلي :
التصوف الجلوس مع الله بداهم .
وقال الجريري:
التصوف مراقبة الأحوال ولزوم الأدب .
وقال المزين :
التصوف الأنقياض للحق .
وقال أبو تراب النخشبي :
الصوفي لا يكدره شئ ويصفو به كل شئ .
قال أبو الحسن السيرواني :
الصوفي يكون مع الواردات لا مع الأوراد .
وقال الغوث الكبير الأمام أحمد الرفاعي الملقب أبا العلمين .
الفقر و التصوف مبنيان على خصال متعددة أن يتجرد ويعلم الله علماً يقيناً ويقر له بالوحدانية في أفعاله وصفاته وذاته وأنه ليس كمثله شئ فإن من علم الحق لهذا العلم خرج من باب العلم الظني ومن باب الوهوم والشكوك وخلع من عنقه ربقه التقليد وأن يسلك طريق الإيثار ومعنى الإيثار عندهم أن العبد إذا فعل حسناً لا يشهد أن له فيه اختيارا ولا إرادة حتى يشهد لذلك إنه يستوجب على الله ويستحق له ثواباً عليه لأن العبد وفعله كل ملك لمالك الممالك ومبدع الوجود والعبد لا يستحق له على سيده ومالكه مال تعالى الله عن ذلك وأن يكون في وقت السمع والواجد مجتهداً فيه سابقاً غيره إليه ليس بقلبه وخاطره غيره ويكون قلبه حاضراً في مقام الحضور والمراقبة والشهود حتى ينكشف له باب الكشف ويرتفع له حجاب الحجب وأن يكون في أكثر أوقاته ساكناً وأن يترك الإكساب وادخار الذخيرة وأن لا يسلك غير طريق الصدق فلا يجعل حركاته وسكناته إلا مبنيه عليه وأن لا يكسر الكلام خشية أن يقع في الخطأ والكذب وأن يجتنب أكل الحرام وأن لا يطلب ما ليس له قدرة على أن يكون في يده ويمسكه بل يصرفه في استحقاقه ويبذل له .
فإن المدبر الحق عز وجل وأن لا يلتجئ في أموره ويعول على غير الله تعالى وقال شرط الفقير أن لا يعلق نظره بملبوسات الخلق وغيرها فإنه أن علقه بذلك ألتبس عليه الأمر وكلما أختلط الفقير بالخلق ظهرت عيوبه .
من هنا نرى أن الصوفية قوم لا تعني لهم الدنيا شئ وهدف الصوفية الوصول إلى الحقيقة التي يتمناها كل صوفي وهي تحرر الروح من الجسد الفاني وكشف الأسرار .


علاقة الصوفية بالروح
إن وجد قوم يعلمون ما أسرار الروح فهم الصوفية.
إن وجد قوم يعلمون ما معنى الوصول إلى الحقيقة فهم الصوفية لأن الصفاء الموجود عند السادة الصوفية ليس موجود عند أحد سوى الأنبياء وآل بيت محمد صلى الله عليه وسلم وآل بيت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والصحابة الكرام وأصحاب الأنبياء من ثم الأولياء أولياء الله من ثم الصوفية لأن الصوفية توصل إلى محبة الله ومحبة الله توصل إلى الحقيقة والحقيقة توصل الشخص أن يكون ولي من أولياء الله،قال الله تعالى(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم)آل عمران: 31
قال الله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومةلائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) (المائدة54)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( إن الله تعالى قال : من عادى لي ولياً،فقد آذنته بالحرب ،وما تقرب إلي عبدي بشيء يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه،فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألتني، أعطيته، ولئن استعادني لأعذنه) رواه البخاري
وعنه عن النبي ،صلى الله عليه وسلم،قال : (إذا أحب الله تعالى العبد، نادى جبريل :إن الله تعالى يحب فلاناً، فأحبه،فيحبه أهل السماء ،ثم يوضع له القبول في الأرض)متفق عليه
وشخص الذي يصل إلى محبة الله يصل إلى الحقيقة التي تعني الكشف من العرش إلى الفرش وهذا الكشف يعني تحرر الروح من كل الشوائب وهذا هدف الصوفية.
وتحرر الروح يعني تغلب على النفس والهوى والشيطان وهذا التحرر مربوط بكثرة العبادة وإخلاص إلى الله ومحبه الناس وهذه الأشياء هي توصل إلى الحقيقة.