الباب الثامن والثلاثون بعد المائة في بيان صراخ الشيطان من رأس العقبة وقت البيعة بيعة الرضوان
قال ابن اسحاق بن عاصم حدثنا عمر بن قتادة أن القوم لما اجتمعوا لبيعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال العباس بن عبادة بن نضلة الأنصاري أخو بني سالم بن عوف يا معشر الخزرج هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل قالوا نعم قال إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس فإن كنتم ترون إذا نهكت أموالكم مصيبة وأشرافكم قتلا كذا استلمتموه فمن الآن فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة وإن كنتم ترون أنكم وافون له مما دعوتموه إليه على نهب الأموال وقتل الاشراف فخذوه فهو والله خير الدنيا والآخرة قالوا نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفينا قال الجنة قالوا ابسط يدك فبسط يده فبايعوه قال ابن اسحاق فبنوا النجار يزعمون أن أبا أمامة أسعد ابن زرارة كان أول من ضرب على يده وبنو عبد الاشهل تقول بل الهيثم ابن النيهان قال ابن اسحاق وحدثني معبد بن كعب في حديثه عن أخيه عبد الله بن كعب عن أبيه كعب بن كعب بن مالك قال كان أول من ضرب على يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البراء بن معرور
تعليق وبيان
قلت وقد ذكرت ذلك في كتابي الموسوم بمحاسن الوسائل إلى معرفة الأوائل قال كعب فلما بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صرخ الشيطان من رأس العقبة بأنفذ صوت ما سمعته قط يا أهل الحباحب هل لكم في مذمم والصبا معه قد اجتمعوا على حربكم قال فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا أزب العقبة هذا ابن أزنب قال ابن هشام ويقال ابن أزيب أتسمع أي عدو الله لأفرغن لك قال ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ارفضوا إلى رحالكم قال فقال له العباس بن عبادة ابن نضلة والله الذي بعثك بالحق إن شئت لنميلن على أهل منى غدا بأسيافنا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم تؤمر بذلك ولكن ارجعوا إلى رحالكم فإن رجعنا إلى مضاجعنا فنمنا عليها حتى أصبحنا فلما أصبحنا غدت عليه جلة من قريش حتى جاءونا في منازلنا فقالوا يا معشر الخزرج إنه قد بلغنا أنكم جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا وتبايعونه على حربنا وإنه والله ما من حي من العرب أبغض إلينا أن تنشب الحرب بيننا وبينهم منكم قال فانبعث من هناك من مشركي قومنا يحلفون بالله ما كان من هذا شيء وما علمناه قال وصدقوا لم يعلموا قال وبعضنا ينظر إلى بعض قال ثم قام القوم وفيهم الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي وعليه نعلان له جديدان قال فقلت له كلمة كأني أريد أن أشرك القوم بها فيما قالوا يا ابا جابر أما نستطيع أن نتخذ وأنت سيد من ساداتنا ثم نعلي هذا الفتى من قريش قال فسمعها الحارث فخلعهما من رجليه ثم رمى بهما إلى وقال والله لينتعلهما قال يقول جابر مه أحفظت والله الفتى فأردد إليه نعليه قال قلت والله لا أردهما فأل والله صالح والله لئن صدق الفأل لأسلبنه